النهضة الثقافية في المملكة- رؤية 2030 ودورها في التنمية المستدامة

المؤلف: علي محمد الحازمي09.19.2025
النهضة الثقافية في المملكة- رؤية 2030 ودورها في التنمية المستدامة

تشهد المملكة العربية السعودية نهضة ثقافية فريدة من نوعها، خاصة بعد قرار فصل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام. هذا القرار يعكس إيمانًا عميقًا لدى القيادة بأن القطاع الثقافي لا يقتصر على الفنون والترفيه، بل هو ركيزة أساسية للتطور الاقتصادي، ومصدر وافر لفرص العمل، ومحفز للتغيير الاجتماعي الإيجابي. يتضح الأثر العميق للاقتصاد الثقافي في مجالات عدة، بدءًا من التأثير في السياسات الحضرية وصولًا إلى بناء الهوية الوطنية وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات. إدراكًا منها لأهمية الحفاظ على تاريخها الأصيل وهويتها الوطنية الثرية وتراثها العريق، تولي المملكة اهتمامًا بالغًا بالقطاع الثقافي باعتباره محركًا حيويًا لمسيرة تطورها نحو المستقبل. ويتجلى هذا الاهتمام بوضوح من خلال مبادرات ترميم المعالم التاريخية والثقافية، مثل العلا والدرعية والمواقع المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، الأمر الذي ساهم بشكل ملحوظ في تعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية متميزة بتاريخها العريق وفنونها الأصيلة وتقاليدها الراسخة. يعكس هذا التوجه الانسجام الوثيق بين الأصالة والمعاصرة، ويؤكد على أن الاحتفاء بالتراث الثقافي يمكن أن يعزز التنمية المستدامة ويعمق التأثير العالمي للمملكة العربية السعودية. إن تسريع وتيرة التحول الثقافي المستدام يمثل حجر الزاوية في استراتيجية النمو الشامل للقطاع الثقافي، حيث من المتوقع أن يساهم هذا القطاع بنسبة كبيرة تصل إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مما سيحقق إيرادات تتجاوز 75 مليار ريال سعودي ويوفر ما يزيد عن 100 ألف فرصة عمل واعدة. وقد أكد التقرير السنوي لعام 2024، الذي يمثل الذكرى التاسعة لانطلاق رؤية المملكة 2030 الطموحة، هذا النمو المتسارع في مختلف أوجه القطاع الثقافي. وفي ضوء هذه المؤشرات الإيجابية، من المتوقع أن تتجاوز مساهمة القطاع الثقافي 180 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مما يعكس الدور الحيوي لهذا القطاع في تحقيق التنمية المستدامة. لقد تبنت وزارة الثقافة آليات متعددة لتعزيز المشهد الثقافي النابض بالحياة، وترسيخ دور الثقافة في التنوع الاقتصادي وتعزيز الهوية الوطنية. ومن أبرز هذه الآليات الاستثمار الحكومي المكثف، وتفعيل الشراكات الفعالة بين القطاعين العام والخاص. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء الصندوق الثقافي بهدف دعم الأنشطة والمشاريع الثقافية المختلفة. كما يجري العمل على تعزيز الشراكات مع المؤسسات والمنظمات الدولية لتبادل الخبرات والمعرفة وتوفير فرص التمويل للمشاريع الثقافية المشتركة. ولا يمكن إغفال أهمية البرامج التعليمية المتنوعة، بما في ذلك البعثات الدراسية الداخلية والخارجية والبرامج التدريبية المتخصصة. أسهمت هذه الجهود المتضافرة في إيجاد بيئة ثقافية غنية ومتنوعة، تعكس تاريخ المملكة العريق وتطلعاتها الطموحة نحو مستقبل مزدهر.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة